ما من أمر سنـَّه رسولنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلا كان فيه الفائدة والفلاح سواء كان
أمراً تربوياً أو دينياً أو حتى على صعيد الصحة.. إذ تؤكد الأبحاث الطبية الجديدة بعد سنوات من
البحث والتجارب ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ 14 قرناً.
إحدى النصائح النبوية التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم أمته قضية الشرب.. ماذا نشرب
وكيف نشرب..؟!
لم يكن من عادة الرسول صلى الله عليه وسلم الشرب على طعامه فيفسده، ولا سيما إذا كان الماء
حاراً مثل السوائل الساخنة أو المثلجة، إذ إن المعدة تأخذ وقتاً أطول في الهضم مما يزيدها جهداً أكثر
من طاقتها.
وكان عليه الصلاة والسلام يكره شرب الماء عقيب الطعام وقبله، وعقيب أكل الفاكهة، وقد أثبتت
الدراسات الطبية أن شرب الماء عقب الطعام يؤخر الهضم، ويخفف من تركيز العصارة المعدية،
فيقلل من كفاءتها، وبالتالي يستمر هضم الطعام وقتاً أطول.
وكان صلى الله عليه وسلم يشرب العسل الممزوج بالماء البارد وكان أحب الشراب إليه، فعن عائشة
رضي الله عنها، قالت: كان أحب الشراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلو البارد.
وهذا الشراب من الناحية العلمية مفيد جداً، لأنه يحتوي على السعرات الحرارية التي تمد الجسم
بالطاقة، وبالنسبة للبارد لما له من تأثير طيب على المعدة، ويمنع إصابتها بالقروح والالتهابات.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعذب الماء، ويفضل الماء البائت على غيره، لأن الماء البائت
تنزل منه الأجزاء الترابية العالقة به إلى الأسفل، علاوة على موت ما به من بكتيريا، فيصبح الماء
عذباً صافياً فراتاً.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتنفس في الشراب ثلاثاً
ويقول أروى (أكثر رياً وأبلغ نفعاً) وأبرأ (أكثر شفاء) وأمرأ (أكثر إساغة) قال أنس فأنا أتنفس في
الشراب ثلاثاً.
وكيفية الشراب ثلاثاً أن تقول: (بسم الله الرحمن الرحيم) وتشرب أول مرة وتكون قليلة، وترفع
وتقول الحمد لله، ثم ترفع ثانية وتقول باسم الله الرحمن الرحيم وتشرب تكون متوسطة، ثم ترفع
وتقول الحمد لله، ثم ترفع الثالثة، وتقول باسم الله وتشرب ما استطعت ثُم ترفع وتقول الحمد لله،
فإنه أوفق للبدن وأنفع للمزاج.
وقد أثبت علمياً أن طريقة الشرب مرة واحدة مضرة للإنسان خصوصاً في حالة الإجهاد الزائد مثل
الجري السريع، والعرق المستمر، لأنه في هذه الحالة تكون ضربات القلب سريعة جداً مع نزول
الماء بسرعة فيجهد القلب، وقد يؤدي ذلك إلى حدوث هبوط به.
وإن شرب الماء دفعة واحدة في المعدة الخالية ينبهها فيتسبب في حدوث تقلص شديد يبدأ من
المعدة، ومنه للأمعاء الدقيقة، إلى الأمعاء الغليظة، إلى تقلص شديد محدثاً مغصاً بالبطن، وسماع
صوت الأمعاء التي تثير مرض القولون العصبي.
ونهى الرسول عن الشرب من في السقاء، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "نهى أن يشرب من في
السقاء - فتحته- لأن ذلك ينتنه"، وقال ابن القيم في زاد المعاد: وفي هذه آداب متعددة منها:
أن تردد أنفاس الشارب فيه يكسبه زهومة (رائحة كريهة يعاف لأجلها).
انه ربما غلب الداخل إلى جوفه من الماء فتضرر منه.
أن الماء ربما كان فيه قذاة أو غيرهما، لا يراها عند الشرب، فتدخل جوفه.
وترجع حكمة النهي عن الشرب من فم السقاء أن أخذ النفس من الأنف يعني أخذ الأكسجين إلى
داخله وهي عملية الشهيق، أما عملية الزفير فيخرج ثاني أكسيد الكربون.
ومعنى النفخ هو إعادته إلى الجسم مرة أخرى ففي عودته مضرة للإنسان.
كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب واقفاً، وكان أكثر شربه قاعداً، وقد بيّن الطب أن
الشرب واقفاً يمكن أن يؤدي إلى الشرق وحصول الوجع في الكبد أو الحلق أو التسبب بالقيء أو داء
البطن